يتوقع أن يكون موسم صابة زيت الزيتون لعام 2024/2025 في تونس موسماً استثنائياً من حيث الإنتاج، حيث تشير التقديرات إلى إنتاج حوالي 340 ألف طن من الزيتون. هذا الرقم يضع تونس في مقدمة الدول المنتجة لزيت الزيتون عالمياً، ويؤكد أهمية هذا القطاع الزراعي كأحد أعمدة الاقتصاد التونسي. إلى جانب أهمية الإنتاج في ذاته، هناك قيمة مضافة كبيرة للناتج من خلال عائدات التصدير، حيث تشير التوقعات إلى وصول قيمة الصادرات إلى حوالي 6600 مليون دينار تونسي، استناداً إلى السعر العالمي لزيت الزيتون الذي لا يقل حالياً عن 22 ديناراً للكيلوغرام.
تأثير صابة الزيتون على الاقتصاد التونسي
يعد هذا العائد الكبير من العملة الصعبة دعماً قوياً للاقتصاد التونسي، خصوصاً في ظل التحديات الاقتصادية التي تمر بها البلاد. يتم توجيه هذه العائدات إلى دعم الميزانية العامة وتوفير النقد الأجنبي، مما يسهم في استقرار أسعار الصرف ويدعم استيراد السلع الأساسية التي تحتاجها البلاد. إلى جانب ذلك، فإن عائدات التصدير تفتح آفاقاً واسعة أمام الفلاحين في كافة أنحاء تونس، حيث يشعر الجميع -من الفلاحين الصغار والمتوسطين إلى الكبار- بمدى أهمية هذه الصابة في تحسين أوضاعهم الاقتصادية.
الدور الاجتماعي والاقتصادي للقطاع
لا يقتصر تأثير هذا الموسم الزراعي على تحسين مستوى دخل الفلاحين فحسب، بل يمتد إلى جميع الولايات التونسية، مما يجعل موسم الزيتون حدثاً وطنياً بامتياز. من شمال البلاد إلى جنوبها، تزدهر المناطق الزراعية من سليانة وزغوان إلى سيدي بوزيد والقيروان، ومن الساحل وصفاقس إلى قابس وجرجيس. كل هذه الولايات تشترك في كونها مواطن لزراعة الزيتون، الذي يعتبر جزءاً من التراث الزراعي والثقافي التونسي.
استهلاك محلي مستقر وتوجيه الإنتاج نحو التصدير
من المتوقع أن يبلغ الاستهلاك المحلي من زيت الزيتون حوالي 40 ألف طن، وهي كمية تعتبر مستقرة مقارنةً بمستوى الإنتاج العام. هذا يعني أن الحصة الأكبر من الإنتاج ستوجه نحو التصدير، خاصة في ظل الطلب العالمي المتزايد على زيت الزيتون التونسي. وبما أن الأسواق الدولية تقدر جودة هذا الزيت، فإن تونس لديها فرصة ذهبية لاستغلال هذا الموسم للتوسع في الأسواق الخارجية وتعزيز مكانتها فيها، وهو ما يسهم في زيادة العائدات المالية.
تحديات تواجه الفلاحين وحلول مقترحة
بالرغم من التوقعات الإيجابية، يواجه الفلاحون في تونس العديد من التحديات التي يجب معالجتها لضمان نجاح موسم صابة الزيتون. ومن أبرز هذه التحديات:
تنظيم السوق لتحقيق أفضل الأسعار
يتطلب تنظيم السوق دراسة دقيقة للعرض والطلب لضمان تحقيق أفضل الأسعار، حيث يجب تجنب العشوائية في بيع الزيتون وعدم الاعتماد على الوسطاء الذين يمكن أن يؤثروا سلباً على أرباح الفلاحين. كذلك، يلزم تطوير قنوات بيع محلية تضمن للفلاحين عائداً مجزياً.
توفير التمويل لمعاصر الزيتون
يحتاج قطاع عصر الزيتون إلى تمويل كافٍ لتحديث المعاصر وتأمين صيانتها. دعم المعاصر مالياً يساعد على رفع طاقتها الإنتاجية وتحسين جودة الزيت المستخرج، مما يسهم في تحقيق عائدات أفضل.
تأمين مساحات تخزين كافية
مع كميات الزيت المتوقعة، يجب توفير مساحات تخزين كافية للحفاظ على جودة الزيت، خصوصاً إذا كان الإنتاج يفوق الطلب في السوق المحلي في فترات معينة. مساحات التخزين تساعد في تسويق الزيت على مراحل، بما يتماشى مع تقلبات السوق العالمية.
توفير اليد العاملة المدربة
يتطلب موسم صابة الزيتون يداً عاملة كبيرة، خاصة في فترات الجني والعصر. هنا تظهر أهمية تأهيل العمالة وتوفير فرص التدريب لتحسين مهاراتهم، بما يساعد على تجنب تلف المحاصيل وضمان جني الزيتون بطريقة صحيحة.
تعزيز جودة الإنتاج لتلبية معايير الأسواق العالمية
لضمان المنافسة في الأسواق العالمية، يجب الحرص على جودة زيت الزيتون التونسي من خلال الالتزام بمعايير الإنتاج الصارمة، خاصة ما يتعلق بطرق العصر والتعبئة والتخزين. الجودة العالية تعزز من سمعة الزيت التونسي وتجذب المستهلكين الدوليين.
دعم المصدرين وتشجيع تصدير الزيت المعلب
تصدير الزيت في عبوات جاهزة يعتبر قيمة مضافة لأنه يرفع من سعر المنتج ويحافظ على جودته أثناء النقل والتخزين. لذلك، يجب دعم الفلاحين والمصدرين المحليين للاستثمار في هذا النوع من التصدير، مما يحقق عائدات إضافية.
آفاق تطوير قطاع زيت الزيتون في تونس
بالإضافة إلى العوامل المذكورة، يمكن لتونس أن تستفيد من هذا الموسم لتعزيز مكانتها كدولة رائدة في إنتاج زيت الزيتون من خلال تبني استراتيجيات طويلة المدى، مثل:
تشجيع البحوث الزراعية: دعم مراكز الأبحاث التي تعنى بتطوير زراعة الزيتون وتحسين طرق الإنتاج يمكن أن يساعد في رفع إنتاجية المحاصيل.
التحول إلى الزراعة العضوية: زراعة الزيتون بطرق عضوية وتجنب المبيدات الكيماوية يزيد من الطلب العالمي على الزيت التونسي، حيث يفضل المستهلكون منتجات طبيعية وصحية.
تطوير تكنولوجيا التخزين والتعبئة: الاستثمار في تقنيات حديثة للحفاظ على جودة الزيت وتطوير طرق التعبئة وفقاً للمعايير الدولية يزيد من تنافسية الزيت التونسي.
أهمية الموسم للقطاع الزراعي وللاقتصاد التونسي
إن نجاح موسم الزيتون لهذا العام يمثل بارقة أمل ليس فقط للفلاحين ولكن للاقتصاد التونسي ككل. دعم الفلاحين وتهيئة الظروف لنجاح موسم الزيتون لا يسهم فقط في تحسين دخلهم بل يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز مكانة تونس في الأسواق العالمية كدولة مصدرة لزيت الزيتون.
إرسال تعليق