Hannibal FM

 

ازدهار تصدير زيت الزيتون التونسي: نجاح اقتصادي في ازدياد

يعيش قطاع زيت الزيتون التونسي فترة من الازدهار اللافت، حيث يُعد هذا المنتج من الركائز الأساسية للاقتصاد في تونس ويساهم في تعزيز مكانة البلاد على الساحة الدولية. وقد صرّح أنور الحراثي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، يوم الأحد 27 أكتوبر 2024، أن 80٪ من إنتاج زيت الزيتون موجه للتصدير، مستجيبًا لطلب عالمي متزايد على هذا المنتج.

ارتفاع الإنتاج

تُعد تونس واحدة من أكبر منتجي زيت الزيتون، ويُتوقع أن يصل الإنتاج هذا العام إلى نحو 300 ألف طن، وهي كمية وصفها الخبراء بأنها "وفيرة وصحية" وقد تتجاوز التوقعات الأولية. وقد سجل هذا القطاع في عام 2023 مستوى إنتاج قياسي مما عزز الاحتياطي والتوقعات الإيجابية للتصدير في هذه السنة. كما أشار أنور الحراثي إلى أن عائدات زيت الزيتون هذا العام قد تتجاوز 5000 مليون دينار من العملة الصعبة، وهو رقم يعكس أهمية هذا المنتج المتزايدة في الاقتصاد التونسي.

نمو الصادرات

يتم تصدير نحو 80٪ من إنتاج زيت الزيتون التونسي، مما يعكس الاهتمام المتزايد بهذا الزيت عالي الجودة في الأسواق العالمية. تشمل الوجهات الرئيسية للزيت التونسي الأسواق الأوروبية والأمريكية، غير أن المنتجين يسعون جاهدين للتوسع نحو الأسواق الآسيوية ودول الشرق الأوسط. ودعا الحراثي المصدرين إلى البحث عن أسواق جديدة ذات أسعار مرتفعة، لتعزيز تنويع العائدات وتقليل الاعتماد على الأسواق التقليدية التي قد تختلف فيها الطلبات من عام لآخر.

يستند نجاح التصدير على الجهود المبذولة لتحسين الجودة، وتكييف أساليب الإنتاج مع المعايير الدولية، وتعزيز سمعة زيت الزيتون التونسي عبر حملات ترويجية على مستوى العالم.

العائدات الاقتصادية والعملات الصعبة

يلعب قطاع زيت الزيتون دورًا جوهريًا في توفير العملة الصعبة، ويسهم في تقليص العجز التجاري للبلاد. ففي 2023، حقق القطاع عائدات قياسية، ويبدو أن سنة 2024 ستكون أكثر وعدًا بفضل ارتفاع الأسعار وزيادة الطلب العالمي. تقدر العائدات بأكثر من 5000 مليون دينار لهذه السنة، مما يدعم ميزان المدفوعات ويسهم في استقرار العملة الوطنية.

ويعزز تميز الزيت التونسي عالميًا صورة تونس كمنتج للزيت عالي الجودة، ويساعد في جذب استثمارات جديدة وتطوير الصناعة المحلية.

الأسعار والاستهلاك المحلي

رغم نجاح التصدير، فإن السوق المحلية لم تُهمل. وحرصًا على الحفاظ على القدرة الشرائية للتونسيين، يلتزم ديوان الزيت والحكومة بتوفير زيت الزيتون بأسعار تفضيلية، في إطار برنامج ناجح انطلق العام الماضي وسيتم تعزيزه هذا العام. وأكد أنور الحراثي أن كمية من زيت الزيتون ستكون مخصصة للاستهلاك المحلي بأسعار ميسّرة.

ولا توجد تسعيرة محددة لزيت الزيتون في تونس، إذ يعتمد السعر على قانون العرض والطلب، ويتماشى مع الأسعار العالمية، مما يؤدي إلى تقلبات في السوق المحلية. ويشدد الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري على أهمية مواءمة الأسعار المحلية مع الاتجاهات العالمية، مع الحرص على ضمان توازن بين دخل المنتجين، وعائدات التصدير، واحتياجات المستهلكين.

تحديات القطاع وآفاق المستقبل

يواجه قطاع زيت الزيتون في تونس تحديات، منها الضغوط البيئية مثل ندرة المياه وتأثيرات التغير المناخي التي قد تؤثر على كمية وجودة المحصول. ولمواجهة هذه التحديات، تم اعتماد عدة مبادرات لتحسين تقنيات الري، وتحديث معدات الإنتاج، وتوعية الفلاحين بالممارسات البيئية السليمة.

كما تركز الجهود على رفع جودة المنتج من خلال الالتزام بالمعايير العالمية، مما يعزز تنافسية زيت الزيتون التونسي في الأسواق الدولية. ويُعتبر الحصول على شهادات الجودة مثل علامة "الزيت العضوي" وشهادات المنشأ المحمية، من العوامل الأساسية التي تضمن أصالة الزيت وتعزز مكانته عالميًا.

في الوقت نفسه، تشجع السلطات على تنويع منتجات الزيتون لتلبية الطلب المتزايد على منتجات مشتقة، مثل مستحضرات التجميل التي تشهد نموًا سريعًا، مما يوفر فرصًا جديدة للمنتجين المحليين. وتهدف تونس إلى تطوير صناعة زيت زيتون مستدامة وقادرة على مواجهة التحديات المستقبلية، مع تلبية احتياجات المستهلكين المحليين والدوليين.

يتميز قطاع زيت الزيتون التونسي بقدرته على الاستجابة للطلب العالمي والمساهمة الكبيرة في دعم الاقتصاد الوطني. وتؤكد جهود تنويع الأسواق والاهتمام بالجودة وإتاحة الزيت بأسعار ميسّرة في السوق المحلي، التزام تونس بهذا القطاع الحيوي. ومع توقعات بتحقيق عائدات قياسية، تواصل تونس ترسيخ دورها كدولة رائدة في إنتاج وتصدير زيت الزيتون، من خلال استراتيجية توازن بين الابتكار والالتزام بالمعايير الدولية، مما يعزز استدامة القطاع ويضمن ازدهاره في المستقبل.