في حادثة غريبة أثارت دهشة وذهول سكان مدينة الدار البيضاء، فتحت امرأة باب منزلها ذات مساء لتجد أمامها شقيقها المتوفى منذ 12 عامًا يقف عند العتبة، مبتسمًا وكأنه لم يغادر هذا العالم أبدًا. كانت هذه اللحظة أشبه بكابوس أو حلم، حيث تحول ما كان من المفترض أن يكون لقاءً عائليًا سعيدًا إلى لغز معقد صدم العائلة، وأثار تساؤلات عديدة بين الجيران وحتى الشرطة. كيف يمكن لشخص توفي منذ سنوات طويلة أن يظهر فجأة وكأنه لم يمت أبدًا؟ هل هو حقًا شقيقها أم شخص آخر يحاول خداعها؟ دعونا نستعرض القصة بكل تفاصيلها المدهشة.
بداية القصة
خديجة، امرأة تبلغ من العمر 45 عامًا، تعيش حياة هادئة في منزلها القديم وسط الدار البيضاء. منذ 12 عامًا، تلقت العائلة خبر وفاة شقيقها الأكبر، حسن، الذي كان قد غادر البلاد للعمل في أوروبا. قيل لهم آنذاك إنه توفي في حادث سير مروع، وتم إتمام مراسم العزاء والدفن بناءً على شهادة الوفاة التي أرسلتها السلطات المحلية هناك. العائلة حزنت كثيرًا لفقدانه، وخصوصًا خديجة التي كانت الأقرب إليه منذ طفولتهما. ولكن بعد مرور كل هذه السنوات، وبدون أي تحذير أو تمهيد، عاد حسن ليقف أمام باب منزلهم.
في ذلك اليوم، كانت خديجة تستعد لتحضير العشاء عندما سمعت طرقات خفيفة على الباب. لم يكن الوقت مناسبًا لزيارة أي شخص، فشعرت بشيء غريب يجول في خاطرها. وعندما فتحت الباب، تجمدت في مكانها. رجل يقف أمامها، طويل القامة، بملامح مألوفة للغاية، ابتسم قائلاً: "أختي، هل ستبقين واقفةً أم ستسمحين لي بالدخول؟" لم تستطع تصديق ما تراه عينها. إنه حسن، بشحمه ولحمه، الشخص الذي كانت تظن أنه مدفون في المقبرة منذ 12 عامًا.
الصدمة والمفاجأة
خديجة، التي لم تستطع النطق من شدة الصدمة، شعرت وكأن الزمن قد توقف. في ثوانٍ معدودة، عادت كل ذكرياتها معه. كيف يمكن لشقيقها الميت أن يكون واقفًا أمامها؟ هل هذا شبح؟ أم أنها تهلوس؟ حسن، من جانبه، بدا وكأنه لا يدرك صدمتها، وأعاد تكرار طلبه بلطف، مما جعلها في النهاية تتراجع للخلف وتسمح له بالدخول.
عندما دخل حسن إلى المنزل، بدأ يتجول فيه وكأنه لم يغب يومًا، يتفقد الغرف والأثاث، ويعلق بابتسامة: "لقد تغيرت بعض الأشياء هنا." لكن كل ما كان يجول في ذهن خديجة هو سؤال واحد: "كيف يمكن أن تكون هنا؟" وعندما سألته أخيرًا، أجاب بهدوء: "لم أمت، يا أختي. لقد كنت في مكان بعيد، وعُدت الآن." لكن هذه الإجابة لم تكن كافية. كيف لم يمت؟ أين كان طوال هذه السنوات؟ ولماذا لم يتواصل مع أحد؟
محاولة الفهم
خديجة، التي شعرت وكأن عقلها لا يستطيع استيعاب ما يحدث، قررت الاتصال بوالديها اللذين كانا يعيشان في الريف خارج المدينة. أخبرتهم أن حسن قد عاد، لكنه لم يصدقوها في البداية. كيف يمكن لابنهم الذي أقيمت له جنازة، وتم دفنه وفقًا للشعائر الإسلامية، أن يكون حيًا؟ لكنها أصرت أن يأتوا ليروا بأعينهم. وعندما وصل الوالدان في اليوم التالي، كانت الصدمة أكبر. الأم، التي انهارت بالبكاء، بدأت تردد الأدعية، ظنًا منها أن هذا كائن من العالم الآخر أو أن الله أرسل لها "روح" ابنها لتطمئنها.
حسن، الذي بدا منزعجًا من كل هذه الدراما، أكد لهم مرارًا أنه لم يمت. أخبرهم أنه كان ضحية خطأ في الهوية، وأنه أمضى السنوات الأخيرة في محاولة العودة إلى وطنه، لكنه فقد كل وسائله للتواصل بعد أن سُرق كل ما يملكه في الخارج. لكن هذه القصة لم تكن كافية لطمأنة العائلة. كيف يمكن أن تُصدر شهادة وفاة لشخص حي؟ وكيف أمكن دفن شخص آخر على أنه حسن؟
البحث عن الحقيقة
قررت العائلة التوجه إلى السلطات لإعادة فتح التحقيق في حادثة "وفاة" حسن. عندما تواصلوا مع الجهات المختصة في المغرب، أكدوا أن شهادة الوفاة التي لديهم سليمة، بناءً على الوثائق الرسمية التي وصلت من أوروبا. لكن حسن، من جانبه، أصر على أنه لم يكن هناك أي حادث، وأنه تعرض للاختطاف في ذلك الوقت من قبل عصابة كانت تستهدف العمال المهاجرين، وظل محتجزًا لفترة طويلة.
الخطوة التالية كانت التحقق من المقبرة حيث تم دفن "جثمان" حسن. عندما ذهبوا لفتح القبر، كانت المفاجأة: الجثة المدفونة لم تكن لحسن، بل لشخص مجهول الهوية. شعر الجميع بالذهول. كيف يمكن أن يحدث هذا؟ ومن هو الشخص الذي دفن بدلاً من حسن؟ بدأت الشرطة بالتواصل مع الجهات الأوروبية لمحاولة فهم ملابسات هذه الحادثة، ولكن الأمور تعقدت أكثر عندما اكتشفوا أن السجلات هناك كانت مشوشة وغير دقيقة.
نظريات وشكوك
مع مرور الوقت، بدأ الناس في الحي يطرحون نظريات مختلفة. البعض اعتقد أن حسن ربما كان متورطًا في أعمال غير مشروعة، واختفى لتجنب العقاب. بينما رأى آخرون أن القصة برمتها قد تكون جزءًا من مؤامرة أكبر، حيث تم استبدال حسن بشخص آخر لسبب ما. ولكن نظرية أخرى، أكثر غرابة، بدأت تنتشر: ربما لم يكن هذا الشخص حسنًا على الإطلاق. ربما هو شخص يشبهه تمامًا، يحاول الاستفادة من الشبه للدخول في حياة العائلة.
التحقيقات والتطورات
بدأت الشرطة المغربية بالتعاون مع السلطات الأوروبية للتحقيق في ملابسات اختفاء و"عودة" حسن. اكتشفوا أن حسن، أو الشخص الذي يدّعي أنه حسن، كان قد أمضى بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية في أوروبا بعد أن عُثر عليه فاقدًا للذاكرة في أحد الشوارع. ولم يكن لديه أي أوراق تثبت هويته. من هناك، تم نقله إلى مركز اجتماعي، حيث عاش بهوية مجهولة لعدة سنوات. لم يتمكنوا من التأكد من هويته الحقيقية إلا عندما استعادت ذاكرته جزئيًا وذكر أسماء بعض أفراد عائلته.
في هذه الأثناء، طلبت الشرطة إجراء اختبار الحمض النووي (DNA) للتأكد من أن هذا الشخص هو بالفعل حسن. لكن النتيجة لم تأتِ بسهولة، حيث تبين أن هناك تطابقًا جزئيًا فقط، مما أثار المزيد من الشكوك. هل يمكن أن يكون حسن قد تعرض لتجربة غيرت بعض جوانب شخصيته وذاكرته؟ أم أن هذا شخص آخر تمامًا؟
مواجهة الحقيقة
بعد أسابيع من التحقيقات، بدأت خديجة والعائلة يشعرون بأنهم عالقون بين الأمل والحيرة. حسن الذي أمامهم يعرف تفاصيل دقيقة عن حياتهم، يتذكر أشياء لم يكن ليعرفها أي شخص غريب. لكن هناك أيضًا تفاصيل صغيرة تبدو مختلفة: طريقة كلامه، بعض العادات التي لم تكن لديه سابقًا. هل يمكن للذاكرة أن تتغير هكذا بسبب الصدمات؟ أم أن هذا "حسن" هو شخص آخر يحاول التلاعب بهم؟
النهاية المفتوحة
اليوم، تعيش العائلة في حالة من القلق المستمر. هل يجب أن يقبلوا هذا الشخص على أنه حسن، ابنهم الضائع الذي عاد بعد سنوات طويلة؟ أم أنهم ضحية لعملية احتيال معقدة؟ حتى الآن، لم تتمكن الشرطة من تقديم إجابة نهائية. في الوقت الذي تصر فيه خديجة على أن هذا هو شقيقها، يشعر والدها بشك عميق.
يستمر حسن، أو الشخص الذي يدّعي أنه حسن، في محاولة استعادة مكانه في العائلة. لكنه يعلم أن الكثيرين لا يزالون يرونه كدخيل. وبينما تتواصل التحقيقات، يبقى السؤال الكبير: إذا لم يكن هذا هو حسن الحقيقي، فأين هو؟ ومن هو هذا الرجل الذي يحمل ملامح، ذكريات، وصوت حسن؟
خاتمة
تبقى قصة "حسن" واحدة من أغرب القصص في مدينة الدار البيضاء، مثالاً على كيف يمكن للواقع أن يتجاوز الخيال. بين الموت والعودة، بين الذاكرة والنسيان، تظل العائلة عالقة في دائرة من الشك والارتباك. ربما لن يعرفوا الحقيقة أبدًا، لكن الأكيد هو أن هذه الحادثة ستبقى محفورة في أذهانهم، وفي أذهان كل من سمع عنها، كأحد الألغاز التي يصعب حلها.
إرسال تعليق