مجاز الباب/حرفاء الطبيب الذي تمّ إيقافه بسبب التعريفة المنخفضة يردون له الجميل !

لم يدر بخلد الدكتور خالد بن رمضان أن حبَّه عمله ورغبته في مساعدة الفقراء من المرضى سيكلفانه عقوبة المنع من مزاولة نشاطه الطبي وإغلاق عيادته بمدينة مجاز الباب شمال غربي العاصمة التونسية شهراً بقرار رسمي من عمادة الأطباء؛ لارتكابه تجاوزات تتعلق بـ”إخلاله بمجلة واجبات الطبيب وعدم احترامه ضوابط المنافسة”.

الرجل عُرف بين سكان هذه المدينة بدماثة أخلاقه وطيبة قلبه والذين فوجئوا بدورهم بهذا القرار الذي وصفوه بالجائر وبأنه كان نتيجة وشاية وشكاوى من أطباء منافسين له باعتباره كان يعمل بتعريفة منخفضة ودأب منذ افتتاحه للعيادة على التعامل بشكل إنساني مع مَرضى لا يملكون ثمن العلاج.



الدكتور خالد، الذي فضل الصمت التزاماً بقرار النقابة، فوجئ منذ أيام، وبعد انقضاء مدة العقوبة وإعادة فتح العيادة، بزيارة فريدة من نوعها لمجموعة من أهالي المدينة ومن زوار عيادته حاملين له باقة من الورود كشكل من أشكال التكريم وردّ الجميل.

لطفي مرداسي، وهو أحد المشاركين في البادرة، قال لـ”هافبوست عربي”، إن “الدكتور خالد هو أكثر من مجرد طبيب؛ بل أخ وأب حنون بإجماع كل أهالي مدينة مجاز الباب، الابتسامة لا تفارق محياه، ومن يدخل لعيادته يخرج بنفسية أفضل”.







لطفي، أوضح أن علاقته بالطبيب تعود لسنوات حتى أضحى حالياً طبيب العائلة وصديقاً مقرباً، وهو ما دفعه لتنظيم حفل تكريم له رفقة آخرين؛ كمحاولة منهم لرد الاعتبار لهذا الرجل الذي كرس حياته لخدمة فقراء الجهة ومراعاة أوضاعهم الاجتماعية والمادية رغم أن ذلك كلفه فصلاً عن العمل ولو بشكل مؤقت.

محدثنا أكد أن تأثُّر الطبيب بالبادرة كان كبيراً وترك أثراً طيباً في نفسيته، لا سيما بعد القرار الجائر في حقه، وفق قوله.

علاقة الطبيب بمدينة مجاز الباب تعود للسبعينات، حيث انطلق في مزاولة نشاطه الطبي بفتح عيادة للطب العام هناك، ثم انتقل للعمل في العاصمة، ليعود بعد ذلك ويستقر مهنياً في المدينة، ويتنقل يومياً بين تونس العاصمة ومجاز الباب، قاطعاً مسافة تقدّر بقرابة 60 كم.

هذا الطبيب كسب محبة أهالي المدينة وباقي المناطق الريفية المجاورة لها، حيث يهبّ إليه الفقراء ومحدودو الدخل لمعالجتهم؛ إما بتعريفات منخفضة وإما بشكل مجاني، كما يشير محدثنا إلى أن الطبيب لا يحدد مواعيد زيارة لمرضاه

ولا يملك أصلاً هاتفاً بالعيادة؛ بل يعالج مرضاه الذين يتوافدون بشكل يومي بحسب الأولوية؛ الصغير قبل الكبير، والمسن قبل الشاب، ومن يقطن بعيداً قبل ساكن المدينة.







الطبيب فضل التزام الصمت وعدم الحديث في وسائل الإعلام؛ لأنه لا يبحث لا عن الشهرة ولا عن الظهور وسيواصل عمله الإنساني ومساعدة الفقراء والمحتاجين، لكن ذلك لن يمنعه من الالتزام بالتعريفة القانونية المحددة بعد فتح عيادته، بحسب أقوال أهل المدينة.

وكان خبر إيقاف الدكتور خالد عن مزاولة مهنة الطب شهراً من قِبل عمادة الأطباء قد أثار غضب كثيرين الذين استغربوا القرار، واصفين إياه بالظالم بحق طبيب كرّس حياته لمساعدة فئات اجتماعية مسحوقة لا تملك ثمن العلاج ولا الدواء.
(هافغنتون بوست عربي )

Post a Comment

أحدث أقدم