مقال بـ” الواشنطن بوست” : مستقبل العالم العربي لا يكمن في السعودية٬ وإنما يكمن في تونس









نشرت صحيفة ” الواشنطن بوست” أول أمس ،الجمعة
26 ماي 2017 ،مقالا لـ” Cary Christian “إنتقد فيه زيارة الرئيس الأمريكي ترامب إلى المملكة السعودية ، مبرزا أن مستقبل العالم العربي في تونس و ليس في السعودية .
و في ما يلي بعض ما جاء في هذا المقال :
إذا كان هناك من يظن أن زيارة ترامب شكلت بداية جديدة وجادة، ليكن معلوما أنها لم تكن في الواقع سوى تكرار كسول لسياسات قائمة منذ وقت طويل – وهي في الحقيقة السياسات
نفسها بالضبط التي ساعدت على إدامة الدكتاتوريات الفاسدة، والنزاعات التي لا نهاية لها والفشل الذريع والعطالة المتفشية في أنحاء الشرق الأوسط كافة وشمال إفريقيا.



في أقل تقدير، كان ينبغي على زيارة ترامب أن تعطي الأمل بستقبل مختلف للمنطقة. لكنها بدلا من ذلك لم تتجاوز إعادة إنتاج الماضي وترسيخه..











تحتاج الولايات المتحدة إلى مساعدة تونس، قصة النجاح الوحيدة في الربيع العربي،فعلى مدى السنوات الست السابقة ناضل التونسيون بكل ما أوتوا من قوة وشكيمة للحفاظ على
د҅يموقراطيتهم الفتية.

ورغم الانتخابات المتعددة والكثير من جولات الإصلاح ظلت ثورتهم مستمرة، إلا أن البلاد مازالت تواجه عقبات كؤود – سياسية واقتصادية، وحتى الآن لم تنل تونس الحد الأدنى مما تستحقه من دعم وتأييد.

ما من شك في أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كليهما قدما لتونس حتى الآن أقل بكثير مما كان بإمكانهما أن يقدماه.







ورغم كل ما تواجهه من مصاعب، يوجد لدى تونس حكايات ملهمة يمكن أن تقصها على مسامع الآخرين، ليس فقط العرب منهم، بل وفي كل أنحاء العالم .

ومع ذلك، من في أمريكا سمع شيئا من هذه الحكايات؟ يتوجب على رئيس الولايات المتحدة إعلان دعمه للنضال التونسي، ويتوجب عليه زيارة تونس في أقرب فرصة ممكنة، وهنا يجدر بنا تذكير الرئيس بأن تونس أقرب بكثير من المملكة العربية السعودية.









والأهم من ذلك كله، يتوجب عليه حمل الأوروبيين– الذين كان ينبغي عليهم أن يكونوا في مقدمة الداعمين لتونس، لولا أنهم انهمكوا في مشاكلهم الداخلية – على الانضمام إلى الولايات المتحدة في الجهد المطلوب لإعداد برنامج مساعدات طموح.

بالمناسبة، تونس بلد صغير، ولذلك كلمة طموح هنا تعني أن المطلوب “ليس كبيرا جدا بالمقارنة بالصورة الأشمل للأوضاع”.

فحتى المساعدة الضئيلة نسبيا، يمكنها في مثل هذا المكان أن تنجز الكثير، والكثير جدا.

وكما أشار المجلس الأطلنطي الذي يتخذ من واشنطن مقرا له في بحث نشره العام الماضي، أن من الواضح ما هي المجالات التي تحتاج تونس إلى المساعدة فيها، إنها مجالات الأمن والاقتصاد والتنمية ورعاية المؤسسات الد҅يمقراطية.

ليست البلاد بحاجة إلى بناء الدولة من جديد، فتونس تحظى بمؤسسات دولة قوية وراسخة، والجمهور فيها مسيس ومتفاعل ونشط – ونساء تونس يتمتعن بمستوى راق من التعليم والعزيمة وقوة الإرادة.

لقد حقق التونسيون تقدما هائلا، ولكن مع ذلك ماتزال تجربتهم تتأرجح على الحافة، فالاقتصاد مازال في حالة ركود وكساد، بينما ينتشر الفقر والفساد في مفاصل المجتمع والدولة، وتستمر
معدلات البطالة في الارتفاع بين الشباب، وتستمر النخب المتنفذة بالتمسك بالسلطة عاضة عليها بالنواجذ.

وهذه أوضاع تستغلها الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تجد في حالة السخط المتنامية مرتعا لنشاطاتها.

ورغم كل ما يحسب لتونس من إنجازات، إلا أنها اكتسبت صيتا سيئا، بسبب أن نسبة كبيرة من المقاتلين الأجانب الذين توافدوا على سوريا وانخرطوا في حربها الأهلية جاؤوا من تونس.

لك أن تتصور الأثر الذي يمكن أن ينجم عن مسارعة العالم الخارجي إلى مساعدة التونسيين في حل مشاكلهم.

بل من شأن الإحياء الاقتصادي هناك أن يثبت للأقطار العربية أن بإمكانها أن تخط مسارها في العالم ،دون أن تكون عائمة على بحيرات من النفط.

كما ستسهم برامج مكافحة الفساد في إثبات أنه بالإمكان التغلب على واحدة من أكثر أمراض المنطقة فتكا بها.

وستشكل عملية التحول الديمقراطي ردا قاصما على المتشددين الإسلاميين الذين يخشون أكثر ما يخشون سلطة الشعب.

وكما كنت قد قلت في مقالات أخرى، إن تونس الناجحة ديمقراطيا، هي أفضل رد غير عسكري ناجع على تنظيم الدولة الإسلامية، يمكن أن يفكر في تصميمه أي إنسان.

وعلى النقيض من السياسة السعودية التي تقوم على القمع المستدام، سوف يشكل النموذج التونسي فرصة لكسر دورات العنف والتطرف المستمرة.

لا يكمن مستقبل العالم العربي في المملكة العربية السعودية، وإنما يكمن في تونس.

وعلى ترامب أن يختار بين أن ينحاز إلى جانب الحكومات التي تتبنى سياسات قديمة فاشلة، أو أن يحاول إرسال إشارة بأنه يقف مع مستقبل أفضل للمنطقة. مازال أمامه مجال لإغتنام الفرصة.







Post a Comment

أحدث أقدم